دخول
بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
المواضيع الأكثر شعبية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
imad | ||||
bird1of1peace | ||||
إيمان | ||||
وردة الرمال | ||||
alkhaimadz | ||||
عبد المؤمن | ||||
randa | ||||
شهرزاد | ||||
تمكين للتدريب والاستشارات | ||||
Soleil Aseel |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
إعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
نقد المنهج العلمي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
نقد المنهج العلمي
بسم الله الرّحمن الرحيم
نقد المنهج العلمي
العلم هو "فرع من الدراسة تلاحظ فيه الوقائع، وتصنف وتصاغ فيه القوانين الكمية، ويتم التثبت منها، ويستلزم تطبيق الاستدلال الرياضيّ، وتحليل المعطيات على الظواهر الطبيعية"، أو هو "مجال واسع من المعرفة الإنسانية، يُكتسب بواسطة الملاحظة والتجربة، ويتم توضيحه عن طريق القواعد، والقوانين، والمبادئ، والنظريات والفروض"، أو هو "مجموع المعارف البشرية الخاصّة بالطبيعة والمجتمع والفكر، والمكتسبة باكتشاف قوانين موضوعية للظواهر وتفسيرها."
ومهما يكن تعريف العلم فإنّه في واقعه يتميز بسمات معينة هي:
· اعتباره كمنهج ومعرفة
· اعتماده على الملاحظة والتجربة
· تخصيصه بمجال معرفي يتعلّق بالحسيات
لقد نظر الغرب بخاصة إلى العلم نظرة إجلال وتقدير، فاعتبره منهجا مقدّسا في البحث، وجعل منه أساسا للتفكير، فما أثبته العلم، ثبت، وما أحاله العلم، استحال، وما جوّزه، جاز. والحقيقة، أنّ هذه النظرة الغربية إلى العلم باطلة من وجهين: باطلة من وجه اعتبار العلم معرفة في ذاته، ومن وجه اعتباره أساس التفكير.
1. بطلان العلم كمعرفة
ليس العلم في التصور الغربي مجرد منهج بل هو فوق ذلك مضمون معرفة هي منتهى الإدراك البشري. فقد أخذ العلم مكان الدّين الكنسي في تفسير ظواهر الكون والعالم، وتحليل معطيات المجتمع، وكشف أسرار الإنسان.
وقد فسّر أوجست كونت (Comte ت1857م) رائد الوضعية طبيعة المعرفة العلمية من خلال تقسيمه المعرفة البشرية بعامة إلى أطوار ثلاثة هي: اللاهوت، الميتافيزيقا والعلم. ففي المرحلة اللاهوتية كان الإنسان يفسر الظواهر الطبيعية وفق افتراض قوى غيبية تتمثّل في آلهة، وفي المرحلة الميتافيزيقية كان الإنسان يميل إلى التجريد وتعليل الظواهر الطبيعية بتفسيرات منطقية، أما في المرحلة العلمية فإن الإنسان يدرس الطبيعة وفق منهج تجريبي، يفسرها من خلاله، ويصوغ معرفة وضعية في قالب علمي وصفي يمكّن الإنسان من السيطرة على الطبيعة، والتحكم فيها، وتسخيرها لصالحه.
ولكنّ العلم فشل فشلا ذريعا فيما زعم وادّعى، ولم يقدّم للإنسان معرفة متكاملة شاملة حول وجوده، أو دوره أو غاياته، إذ قدّم للإنسان معرفة مادية انتهت به إلى حضارة صناعية وما بعد صناعية، تميّزت بإيغالها في التفسير الكيفي والكمّي للعالم، وساهمت في تسخير الإنسان للطبيعة، إلا أنّها أبعدته عن معرفة ذاته، وإدراك كنه إنسانيته، وشغلته عن التدبر في كينونته وصيرورته؛ ذلك أن العلم يعتبر بحث الإنسان عن غايته من الوجود، وسعيه لإدراك كنه حقيقة مصيره، مباحث فلسفية، أنطولوجية وميتافيزيقية، تتجاوز معطيات الواقع المادي المحسوس، فهي مسألة لا يمكن بحثها، ولا فائدة منها.
إنّ طبيعة العلم طبيعة وصفية، تعنى بالعالم والوجود من حيث الكيف والكم، أي تعنى بالأشياء والأمور كما هي عليه، لا كما يجب أو ينبغي أن تكون عليه. فالعلم إذن يفسر الظواهر من حيث كيفها وكمّها، ولا يقدّم للإنسان تفسيرا لحقيقته؛ لأنه يتجاهل بيان الغاية منها. وتحليل العالم كيفا وكمّا، يساعد البشرية على فهم العالم من حيث وصفه، ولكنّه لا يقدّم للبشرية قواعد سلوكية أو مفاهيم غائية.
والعلم، وإن قدّم معرفة للإنسان، إلا أنها معرفة جزئية تتعلّق بجزء من وجوده وعالمه، ولا تفي بكلّ مظاهر حياته وجوانب وجوده. فهناك أسئلة كثيرة يعجز العلم عن الإجابة عنها، وأهمّها سؤال لماذا؟ لماذا وجد الإنسان؟ ولماذا وجد الكون؟ ولماذا وجدت الحياة؟ وهي كلّها أسئلة مصيرية بالنسبة للإنسان، تصاحبه في حياته، ولا يمكن أن يهدأ له بال، ويقرّ له قرار إلا بالإجابة عنها، سواء أكان الجواب صحيحا أم باطلا؟
وعليه، فإن العلم لا يعتبر معرفة مطلقة، ومن الخطأ القول بأنه معرفة تكشف معنى الحياة، وتفسر حقيقة الوجود الإنساني.
2. فساد العلم كأساس تفكير
الطريقة العلمية في تحقيق المعرفة هي منهج معيّن في البحث، يسلك للوصول إلى معرفة حقيقة الشيء المبحوث عنه، تقوم على الملاحظة والتجربة والاختبار والاستنتاج. وكما أسلفنا القول، فإن الغرب يقدّس هذه الطريقة، ويعتبرها المنهج الصحيح في الوصول إلى معرفة تخدم البشرية، لذلك جعل منها أساس التفكير.
وفساد جعل الطريقة العلمية أساس التفكير نقف عليه من خلال النقاط التالية:
1. إنّ وضع أساس للتفكير البشري يقتضي كونه في متناول البشر قاطبة، فليس بأساس للبشرية ما لم يكن بمقدور البشر كلّهم التأسيس عليه. والطريقة العلمية في واقعها، طريقة معقدّة، تخضع لقوانين، وشروط معينة ليس بمستطاع البشر كلهم الوفاء بها أو مراعاتها. فهي أساس التفكير لبعض الناس، ولصفوة الخاصة، وليس للعامة.
وإذا كانت المعرفة، أو الحقيقة، من حقّ الناس كلّهم، فلا بدّ أن يجعل للوصول إليها أساس عام بمقدور الجميع التأسيس عليه. وهو ما لا يتوفر في الطريقة العلمية.
لقد كانت نشأة الطريقة العلمية في الغرب، وبروزها في المجتمع، بناء على نزعة نقدية ثورية ترفض المعرفة الكنسية التي تصادر حرية الفرد في المناقشة والنقد، وتبخسه حقّه في القبول أو الرفض. إلاّ أنّ العلم بجعله أساس التفكير حلّ محلّ الكنيسة باعتباره سلطة سامية يجب الإذعان إليها والانقياد لها. فما يقدّمه العلم من تفسيرات للكون والحياة، ليس في متناول الجميع إدراكه والوعي عليه، إلا أنه من واجب الجميع التسليم به. وهكذا تحوّل العقل الغربي من تابعية للكنيسة إلى تابعية للعلم وتقليد أعمى له. فما أريد منه تحرير الإنسان أصبح قيده.
2. تقوم الطريقة العلمية على أساس التجربة التي لا تتأتى إلا في المادة الملموسة. لذا، لو جعلت الطريقة العلمية أساس التفكير، لأدى هذا إلى إنكار ما ليس ماديا ملموسا، كالتاريخ، والسياسة، والرياضيات، وغير ذلك من معارف موجودة لا تخضع للتجربة.
وأمّا ما يرى لدى الغرب من تعميم الطريقة العلمية على كلّ معرفة ومجال بحث إنساني، فهو على سبيل المحاكاة والتقليد للطريقة الأصل، إذ إنّ من الغربيين من يقرّ بعدم إمكانية تطبيق المناهج التجريبية على جملة من المباحث، كعلم الاجتماع وعلم النفس. فالمشاعر والأحاسيس الإنسانية لا يمكن أن تدرس من منظور ميكروسكوبي؛ لأنها ليست مادة ملموسة يمكن إخضاعها للتجربة المعملية. والعلاقات البشرية التي تصبغ المجتمع بلون خاص لا يمكن أن تبحث وفق منهج تجريبي يقوم على الاختبار المعملي. وفي هذا السياق بقول رنسيمان (Runciman) إنّ الحقيقة الثابتة في مجال العلوم الاجتماعية أن ما يزعم أنه علم مجتمع لم تتكشف إلا عن كونها مجرد فلسفات تاريخ.
3. ليست الطريقة العلمية قطعية النتائج، بل هي ظنية فيها قابلية الخطأ. وهو أمر ملاحظ في البحث العلمي ومقرر فيه؛ ولهذا توصف المعرفة العلمية بأنها معرفة احتمالية وتقدمية أي قابلة للتطور والنماء والتعديل، فليست يقينية. لذلك فلا تصلح الطريقة العلمية كأساس للتفكير البشري يقوم عليه وجوده وتبنى عليه حياته، لأنّها لا تقدّم حقائق ثابتة، ولا تعطي نتائج نهائية عن وجود الأشياء، وصفاتها وماهيتها. ولو جعلت الطريقة العلمية أساس التفكير، لأدت إلى تمييع مفهوم الوجود البشري، وتغييب معنى الحياة، مما ينتج عنه ضبابية في إدراك كنه الوجود، وتشوش في وعي الإنسان عن ذاته، وغاياته، ودوره في الحياة، وهو أمر يقلق الإنسان ويجعل منه كائنا عبثيا.
والحاصل، فإن الطريقة العلمية رغم إيجابياتها، وحاجة الإنسان إليها، إلا أنها لا تصلح لأن تكون أساس التفكير، وإن صلحت في العلوم التجريبية وفي بعض المجالات المعرفية الممكن إخضاعها للاختبار المعملي.
3. المنهج المعرفي القويم
إنّ الطريقة الصالحة لاتخاذها كأساس تفكير عند البشر قاطبة، وجعلها حكما في الحكم على الأشياء والأمور، هي الطريقة العقلية.
والطريقة العقلية، سواء عرّفت تعريفا صحيحا أم لم تعرف، هي الطريقة التي يجري عليها الإنسان من حيث هو إنسان في تفكيره، وحكمه على الأشياء، وإدراكه لوجودها وحقيقتها وصفاتها. فهي طريقة في متناول البشر كافة، يعتمدها الإنسان، بغض النظر عن مستواه التعليمي، تلقائيا في فهمه، وإدراكه، وإصدار أحكامه.
والطريقة العقلية تصلح لكلّ فروع المعرفة، ومجالات البحث، فتصلح للعلوم الطبيعية، وللفيزياء، وللرياضيات، وللفلسفة، وللسياسة، وللقانون ولغير ذلك. كما أنها تتميّز بخاصيتين لا توجدان في الطريقة العلمية. فتتميّز بقدرتها على إنشاء الأفكار الجديدة بخلاف الطريقة العلمية التي تتميّز بصفة الكشف والاستنتاج؛ ذلك أنّ الطريقة العلمية تكشف الموجود، ولا توجد المعدوم، وتبني على الموجود ولا تنشأ المعدوم. وأمّا الميزة الثانية للطريقة العقلية، فهي القدرة على إعطاء النتائج القطعية عن وجود الأشياء، لذلك فهي تمدّ الإنسان بحقائق جازمة يحتاجها في إدراك معنى حياته، بخلاف الطريقة العلمية ذات الصفة الاحتمالية التي لا تعطي الإنسان إلا ظنّيات فيها قابلية الخطأ.
وقد اعتمد الإسلام هذا المنهج الفكري، وجعله أساس التفكير عند البشر، وحثّ عليه من خلال العشرات من الآيات الداعية إلى إعمال الفكر والتدبّر.
قال الله تعالى في سورة النحل: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}.
وقال سبحانه في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنْ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}.
نقد المنهج العلمي
العلم هو "فرع من الدراسة تلاحظ فيه الوقائع، وتصنف وتصاغ فيه القوانين الكمية، ويتم التثبت منها، ويستلزم تطبيق الاستدلال الرياضيّ، وتحليل المعطيات على الظواهر الطبيعية"، أو هو "مجال واسع من المعرفة الإنسانية، يُكتسب بواسطة الملاحظة والتجربة، ويتم توضيحه عن طريق القواعد، والقوانين، والمبادئ، والنظريات والفروض"، أو هو "مجموع المعارف البشرية الخاصّة بالطبيعة والمجتمع والفكر، والمكتسبة باكتشاف قوانين موضوعية للظواهر وتفسيرها."
ومهما يكن تعريف العلم فإنّه في واقعه يتميز بسمات معينة هي:
· اعتباره كمنهج ومعرفة
· اعتماده على الملاحظة والتجربة
· تخصيصه بمجال معرفي يتعلّق بالحسيات
لقد نظر الغرب بخاصة إلى العلم نظرة إجلال وتقدير، فاعتبره منهجا مقدّسا في البحث، وجعل منه أساسا للتفكير، فما أثبته العلم، ثبت، وما أحاله العلم، استحال، وما جوّزه، جاز. والحقيقة، أنّ هذه النظرة الغربية إلى العلم باطلة من وجهين: باطلة من وجه اعتبار العلم معرفة في ذاته، ومن وجه اعتباره أساس التفكير.
1. بطلان العلم كمعرفة
ليس العلم في التصور الغربي مجرد منهج بل هو فوق ذلك مضمون معرفة هي منتهى الإدراك البشري. فقد أخذ العلم مكان الدّين الكنسي في تفسير ظواهر الكون والعالم، وتحليل معطيات المجتمع، وكشف أسرار الإنسان.
وقد فسّر أوجست كونت (Comte ت1857م) رائد الوضعية طبيعة المعرفة العلمية من خلال تقسيمه المعرفة البشرية بعامة إلى أطوار ثلاثة هي: اللاهوت، الميتافيزيقا والعلم. ففي المرحلة اللاهوتية كان الإنسان يفسر الظواهر الطبيعية وفق افتراض قوى غيبية تتمثّل في آلهة، وفي المرحلة الميتافيزيقية كان الإنسان يميل إلى التجريد وتعليل الظواهر الطبيعية بتفسيرات منطقية، أما في المرحلة العلمية فإن الإنسان يدرس الطبيعة وفق منهج تجريبي، يفسرها من خلاله، ويصوغ معرفة وضعية في قالب علمي وصفي يمكّن الإنسان من السيطرة على الطبيعة، والتحكم فيها، وتسخيرها لصالحه.
ولكنّ العلم فشل فشلا ذريعا فيما زعم وادّعى، ولم يقدّم للإنسان معرفة متكاملة شاملة حول وجوده، أو دوره أو غاياته، إذ قدّم للإنسان معرفة مادية انتهت به إلى حضارة صناعية وما بعد صناعية، تميّزت بإيغالها في التفسير الكيفي والكمّي للعالم، وساهمت في تسخير الإنسان للطبيعة، إلا أنّها أبعدته عن معرفة ذاته، وإدراك كنه إنسانيته، وشغلته عن التدبر في كينونته وصيرورته؛ ذلك أن العلم يعتبر بحث الإنسان عن غايته من الوجود، وسعيه لإدراك كنه حقيقة مصيره، مباحث فلسفية، أنطولوجية وميتافيزيقية، تتجاوز معطيات الواقع المادي المحسوس، فهي مسألة لا يمكن بحثها، ولا فائدة منها.
إنّ طبيعة العلم طبيعة وصفية، تعنى بالعالم والوجود من حيث الكيف والكم، أي تعنى بالأشياء والأمور كما هي عليه، لا كما يجب أو ينبغي أن تكون عليه. فالعلم إذن يفسر الظواهر من حيث كيفها وكمّها، ولا يقدّم للإنسان تفسيرا لحقيقته؛ لأنه يتجاهل بيان الغاية منها. وتحليل العالم كيفا وكمّا، يساعد البشرية على فهم العالم من حيث وصفه، ولكنّه لا يقدّم للبشرية قواعد سلوكية أو مفاهيم غائية.
والعلم، وإن قدّم معرفة للإنسان، إلا أنها معرفة جزئية تتعلّق بجزء من وجوده وعالمه، ولا تفي بكلّ مظاهر حياته وجوانب وجوده. فهناك أسئلة كثيرة يعجز العلم عن الإجابة عنها، وأهمّها سؤال لماذا؟ لماذا وجد الإنسان؟ ولماذا وجد الكون؟ ولماذا وجدت الحياة؟ وهي كلّها أسئلة مصيرية بالنسبة للإنسان، تصاحبه في حياته، ولا يمكن أن يهدأ له بال، ويقرّ له قرار إلا بالإجابة عنها، سواء أكان الجواب صحيحا أم باطلا؟
وعليه، فإن العلم لا يعتبر معرفة مطلقة، ومن الخطأ القول بأنه معرفة تكشف معنى الحياة، وتفسر حقيقة الوجود الإنساني.
2. فساد العلم كأساس تفكير
الطريقة العلمية في تحقيق المعرفة هي منهج معيّن في البحث، يسلك للوصول إلى معرفة حقيقة الشيء المبحوث عنه، تقوم على الملاحظة والتجربة والاختبار والاستنتاج. وكما أسلفنا القول، فإن الغرب يقدّس هذه الطريقة، ويعتبرها المنهج الصحيح في الوصول إلى معرفة تخدم البشرية، لذلك جعل منها أساس التفكير.
وفساد جعل الطريقة العلمية أساس التفكير نقف عليه من خلال النقاط التالية:
1. إنّ وضع أساس للتفكير البشري يقتضي كونه في متناول البشر قاطبة، فليس بأساس للبشرية ما لم يكن بمقدور البشر كلّهم التأسيس عليه. والطريقة العلمية في واقعها، طريقة معقدّة، تخضع لقوانين، وشروط معينة ليس بمستطاع البشر كلهم الوفاء بها أو مراعاتها. فهي أساس التفكير لبعض الناس، ولصفوة الخاصة، وليس للعامة.
وإذا كانت المعرفة، أو الحقيقة، من حقّ الناس كلّهم، فلا بدّ أن يجعل للوصول إليها أساس عام بمقدور الجميع التأسيس عليه. وهو ما لا يتوفر في الطريقة العلمية.
لقد كانت نشأة الطريقة العلمية في الغرب، وبروزها في المجتمع، بناء على نزعة نقدية ثورية ترفض المعرفة الكنسية التي تصادر حرية الفرد في المناقشة والنقد، وتبخسه حقّه في القبول أو الرفض. إلاّ أنّ العلم بجعله أساس التفكير حلّ محلّ الكنيسة باعتباره سلطة سامية يجب الإذعان إليها والانقياد لها. فما يقدّمه العلم من تفسيرات للكون والحياة، ليس في متناول الجميع إدراكه والوعي عليه، إلا أنه من واجب الجميع التسليم به. وهكذا تحوّل العقل الغربي من تابعية للكنيسة إلى تابعية للعلم وتقليد أعمى له. فما أريد منه تحرير الإنسان أصبح قيده.
2. تقوم الطريقة العلمية على أساس التجربة التي لا تتأتى إلا في المادة الملموسة. لذا، لو جعلت الطريقة العلمية أساس التفكير، لأدى هذا إلى إنكار ما ليس ماديا ملموسا، كالتاريخ، والسياسة، والرياضيات، وغير ذلك من معارف موجودة لا تخضع للتجربة.
وأمّا ما يرى لدى الغرب من تعميم الطريقة العلمية على كلّ معرفة ومجال بحث إنساني، فهو على سبيل المحاكاة والتقليد للطريقة الأصل، إذ إنّ من الغربيين من يقرّ بعدم إمكانية تطبيق المناهج التجريبية على جملة من المباحث، كعلم الاجتماع وعلم النفس. فالمشاعر والأحاسيس الإنسانية لا يمكن أن تدرس من منظور ميكروسكوبي؛ لأنها ليست مادة ملموسة يمكن إخضاعها للتجربة المعملية. والعلاقات البشرية التي تصبغ المجتمع بلون خاص لا يمكن أن تبحث وفق منهج تجريبي يقوم على الاختبار المعملي. وفي هذا السياق بقول رنسيمان (Runciman) إنّ الحقيقة الثابتة في مجال العلوم الاجتماعية أن ما يزعم أنه علم مجتمع لم تتكشف إلا عن كونها مجرد فلسفات تاريخ.
3. ليست الطريقة العلمية قطعية النتائج، بل هي ظنية فيها قابلية الخطأ. وهو أمر ملاحظ في البحث العلمي ومقرر فيه؛ ولهذا توصف المعرفة العلمية بأنها معرفة احتمالية وتقدمية أي قابلة للتطور والنماء والتعديل، فليست يقينية. لذلك فلا تصلح الطريقة العلمية كأساس للتفكير البشري يقوم عليه وجوده وتبنى عليه حياته، لأنّها لا تقدّم حقائق ثابتة، ولا تعطي نتائج نهائية عن وجود الأشياء، وصفاتها وماهيتها. ولو جعلت الطريقة العلمية أساس التفكير، لأدت إلى تمييع مفهوم الوجود البشري، وتغييب معنى الحياة، مما ينتج عنه ضبابية في إدراك كنه الوجود، وتشوش في وعي الإنسان عن ذاته، وغاياته، ودوره في الحياة، وهو أمر يقلق الإنسان ويجعل منه كائنا عبثيا.
والحاصل، فإن الطريقة العلمية رغم إيجابياتها، وحاجة الإنسان إليها، إلا أنها لا تصلح لأن تكون أساس التفكير، وإن صلحت في العلوم التجريبية وفي بعض المجالات المعرفية الممكن إخضاعها للاختبار المعملي.
3. المنهج المعرفي القويم
إنّ الطريقة الصالحة لاتخاذها كأساس تفكير عند البشر قاطبة، وجعلها حكما في الحكم على الأشياء والأمور، هي الطريقة العقلية.
والطريقة العقلية، سواء عرّفت تعريفا صحيحا أم لم تعرف، هي الطريقة التي يجري عليها الإنسان من حيث هو إنسان في تفكيره، وحكمه على الأشياء، وإدراكه لوجودها وحقيقتها وصفاتها. فهي طريقة في متناول البشر كافة، يعتمدها الإنسان، بغض النظر عن مستواه التعليمي، تلقائيا في فهمه، وإدراكه، وإصدار أحكامه.
والطريقة العقلية تصلح لكلّ فروع المعرفة، ومجالات البحث، فتصلح للعلوم الطبيعية، وللفيزياء، وللرياضيات، وللفلسفة، وللسياسة، وللقانون ولغير ذلك. كما أنها تتميّز بخاصيتين لا توجدان في الطريقة العلمية. فتتميّز بقدرتها على إنشاء الأفكار الجديدة بخلاف الطريقة العلمية التي تتميّز بصفة الكشف والاستنتاج؛ ذلك أنّ الطريقة العلمية تكشف الموجود، ولا توجد المعدوم، وتبني على الموجود ولا تنشأ المعدوم. وأمّا الميزة الثانية للطريقة العقلية، فهي القدرة على إعطاء النتائج القطعية عن وجود الأشياء، لذلك فهي تمدّ الإنسان بحقائق جازمة يحتاجها في إدراك معنى حياته، بخلاف الطريقة العلمية ذات الصفة الاحتمالية التي لا تعطي الإنسان إلا ظنّيات فيها قابلية الخطأ.
وقد اعتمد الإسلام هذا المنهج الفكري، وجعله أساس التفكير عند البشر، وحثّ عليه من خلال العشرات من الآيات الداعية إلى إعمال الفكر والتدبّر.
قال الله تعالى في سورة النحل: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}.
وقال سبحانه في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنْ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}.
????- زائر
رد: نقد المنهج العلمي
جزاك الله كل خير ووفقك الى ما يحبه ويرضاه
اتمنى الاستفادة للجميع
دام تميزك اخي سفيان
اتمنى الاستفادة للجميع
دام تميزك اخي سفيان
مواضيع مماثلة
» المنهج التاريخي
» المنهج المسحي
» فرضيات البحث العلمي / منهجية صياغة فرضيات البحث العلمي
» اعتمد فلاسفة الاسلام على المنهج التجريبي
» بحث حول مناهج البحث العلمي
» المنهج المسحي
» فرضيات البحث العلمي / منهجية صياغة فرضيات البحث العلمي
» اعتمد فلاسفة الاسلام على المنهج التجريبي
» بحث حول مناهج البحث العلمي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 3 نوفمبر 2023 - 1:47 من طرف alkhaimadz
» اخراج_القضيب_بعد_القذف_خطأ_كبير
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:51 من طرف nahla
» عدد مرات الجماع في أيام التبويض
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:48 من طرف nahla
» كيفية التعامل مع الزوج المشغول ؟
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:44 من طرف nahla
» عوامل يجب أخذها في الإعتبار قبل الموافقة علي الزواج
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:41 من طرف nahla
» ما يجب أن تقوليه لحماتك وما لا يجب أن تقوليه ؟
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:36 من طرف nahla
» #التقبيل???? و #المداعبة????????
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:34 من طرف nahla
» داء الأمم
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:23 من طرف nahla
» عَجَبًا لأمْر المؤمِن - عَجِبْتُ لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:23 من طرف nahla
» علمتني أذكار النوم
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:21 من طرف nahla
» كيف تجعليه يرغب فيكي ويشتاق إليكي ؟ 18 طريقة فعالة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:20 من طرف nahla
» أغبى البنات
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:17 من طرف nahla
» أمثال عن المرأة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:15 من طرف nahla
» مسائل في القَضاء والقَدَر
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:00 من طرف nahla
» له الْمُلْك
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 16:59 من طرف nahla
» الوَدُود سبحانه وتعالى
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 16:58 من طرف nahla
» أربع أمنيات لأربع نساء أوربيات
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:44 من طرف nahla
» نصيحة من عند وحدة مجربة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:42 من طرف nahla
» نصيحة من اخت لاخت
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:41 من طرف nahla
» وضع المنشورات المتعلقة بالنساء في القسم المخصص لذلك
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:40 من طرف nahla