دخول
بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأكثر نشاطاً
المواضيع الأكثر شعبية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
imad | ||||
bird1of1peace | ||||
إيمان | ||||
وردة الرمال | ||||
alkhaimadz | ||||
عبد المؤمن | ||||
randa | ||||
شهرزاد | ||||
تمكين للتدريب والاستشارات | ||||
Soleil Aseel |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
إعلانات تجارية
لا يوجد حالياً أي إعلان
محاضرتان عن فن الاتصال والحضارة الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
محاضرتان عن فن الاتصال والحضارة الإسلامية
محاضرتان عن فن الاتصال والحضارة الإسلامية
د/علاء إسماعيل الحمزاوي
فـن الاتصـال
تقاس أعمار الأمم، وتعرف حضاراتها بما أنجزته من إبداعات ومبتكرات وبما فيها من علماء ومبدعين في مختلف العلوم وألوان المعرفة، وكل ما تنتجه الأمة إنما ينتقل من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل عبر الاتصال، بل إن الاتصال كان وسيلة الرسل والأنبياء في تبليغ دعواتهم إلى الأمم.
ومن هنا تأتي أهمية الاتصال، وهو نوعان: شفهي عن طريق الإلقاء ومكتوب (تحريري)، وكلاهما مهم نال شرفا إلهيا، فعن الأول قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) وقال: (وما على الرسول إلا البلاغ)، وعن الثاني قال تعالى: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم)، حيث أضاف تعليم الكتابة إلى نفسه، وامتنّ به على عباده، وفي ذلك شرف لهم.
والاتصال يتطلب من صاحبه (كاتب أو متحدث) أن يكون على درجة عالية بالمهارات اللغوية والأسلوبية وقواعد اللغة العربية؛ ولذا عُرّف التحرير بأنه فـن الكتابة الصحيحة التي تعبر بصورة مباشرة عن المعنى المراد.
والمعرفة باللغة الأم والاعتزاز بها واجب ديني وقومي، لأنه مظهر من مظاهر الانتماء للوطن، لاسيما إذا كانت اللغة وسيلة للعبادة، فهي لغة القرآن وباقية ببقائه، ولقد رأينا مدى اعتزاز الغرب بلغاتهم (المجتمع الفرنسي والمجتمع الألماني).
والمعرفة باللغة تسهم في وضوح المعنى المراد من فكر الكاتب أو المتحدث، وتلك المعرفة تتطلب من الكاتب والمتحدث سعة اطلاع بقواعد اللغة وقواعد الكتابة وتنمية ثروته اللفظية من خلال تنمية معجمه الخاص، فكل إنسان له معجمان: معجم عام، وهو يضم كل ما يسمعه ويقرؤه الفرد منذ إدراكه الكلمات، ومعجم خاص، وهو ما يستخدمه فعلا في التعبير عما يريد، وهو أقل من نصف المعجم العام، ولتنمية هذا المعجم لابد من الاطلاع والقراءة في مختلف مناحي المعرفة، وبخاصة في المعاجم القديمة.
وإذا كان المعجم الخاص كبيرا فإن صاحبه يستطيع أن يفرق بين الكلمات التي بينها فروق دقيقة، وربما تحمل معنى عاما واحدا، ولنأخذ مثالا على ذلك الكلمات التي تدل على الجمال: (الصباحة، الوضاءة، الجمال، الحلاوة، الملاحة، الظَرف، الرشاقة)، نقول: (وجه صبيح، بشرة وضّاءة، وأنف جميل، وعين حلوة، وقَـدّ رشيق).
بفضل تنمية الثروة اللفظية يستطيع الكاتب أو (الخطيب أو المحاضر) أن يفرق بين الكلمتين اللتين يقع فيهما الاشتباه، ونعرض هنا جملة من الكلمات من هذا النوع، نقول: تسلم الخطاب أي أخذه، لا (استلم الخطاب)؛ لأن (استلم) بمعنى (لمس)، وجاء زيد وعمرو معا، لا (جاءا سوياً)، وحلّ زيد بمنزلنا ضيفا، لا (حلّ في منزلنا)، ونقول: أثبت محمد كِفاية في العمل أي تفوقا، لا (أثبت كفاءة)؛ لأن الكفاءة هي المساواة؛ ولذا فهي شرط فقهي في الزواج، واشترى زيد ظَرْفا كبيرا لا (مظروفا)، واستوقف الطالب أستاذه فاستأذنه لا (استأذن منه)، وأثـّر زيد في عمرو لا (أثر عليه)، وهذه شريعة سمحة لا (سمحاء)؛ لأنه لا يوجد منها (أسمح)، وهذا التمر مبيع لا (مباع) والأصل (مبيوع)، وبلغت المشتريات مبلغا كبيرا لا (المشتروات)؛ لأن الفعل (يشتري)، ويباح الفطر للمرضع لا (المرضعة)، وقاسى المريض ألما لا قاسى من ألم).
بفضل إثراء المعجم الخاص يستطيع الكاتب أن يكتب كتابة إملائية صحيحة، فيفرق بين الضاد والظاء في الكلمات، لاسيما أن الدلالات مختلفة، فمثلا: المرض: الداء، والمرظ: الجوع، المضرة ضد المنفعة، والمظرة: الأرض المتحجرة. وكذلك يفرق بين التاء المفتوحة والمربوطة وهاء الضمير، (دخلت الطالبة قسم الحاسب؛ لتدرس علومه).
بالإضافة إلى إثراء المعجم الخاص للكاتب أو الخطيب ينبغي عليه أن يلمّ بقواعد اللغة العربية التي تعينه على استقامة لغته حديثا وكتابة، فيعرف ـ على الأدنى ـ قواعد المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والجمع والمثنى والأسماء الستة، فلا يقول: انتصر المسلمين على المشركين في بدر وكان المشركين أكثر من المسلمون، وهكذا. بالإضافة إلى أهمية فهم معنى الجملة، فإن الفصل بين القواعد والمعنى يوقع في خطأ شديد، وقد حدث بالفعل أن طالبا سئل في الاختبار: هات اسما من الأسماء الستة مرفوعا، فأجاب: (سافر هنوك إلى الرياض)!!
ولابد أن يلم الكاتب بعلامات الترقيم ودلالاتها، فلكل علامة دلالتها التي تميزها عن غيرها. (تُعرض أمثلة لذلك تضم علامات الاستفهام والتعجب والفاصلة المنقوطة).
ومن تتمة المعرفة بالقواعد معرفة الأساليب الصحيحة في اللغة، فمن الخطأ تكرار كلمتي (بين وكلما) في الجملة، فلا نقول: لابد من السلام بين العرب وبين إسرائيل، ولا نقول: كلما صليت كلما أحسست بالراحة. كذلك من الخطأ استعمال (إلا أن) مع (على الرغم من، أو مع أن)، فلا نقول: مع أن الأمر واضح إلا أنه يخفى على الكثير، والصواب (فإنه)، وكذلك لا نقول: اصطف الطلاب وراء بعض، والصواب (بعضهم وراء بعض)، ولا نقول: الاتفاق سيكون لاغيا إذا لم يتم الانسحاب، والصواب (مُلغَى)، ولا نقول: الحضارة الإسلامية كان لها ضوء مبهر، والصواب (باهر)، ولا نقول: موقف أمريكا من إسرائيل ملفت للنظر، والصواب (لافت)، ولا نقول: الزعيمان العربيان دعيا إلى عقد مؤتمر للسلام، والصواب (دعوا).
من المهم أيضا للكاتب والخطيب أن يحرص على أن يكون كلامه مقنعا وممتعا، وذلك باستخدام الأساليب البلاغية (التصوير والخيال) والتنوع بين الخبر والإنشاء وبين الجملة الفعلية والجملة الاسمية، ومن خلال التأييد لرأيه بالاقتباس من نصوص أخرى تعضد رأيه. ولا ينبغي أن يقتبس نصا إلا إذا اقتضت الضرورة؛ حتى لا يكون حشوا. وكذلك عليه أن يتجنب تكرار الجمل والكلام المعروف سلفا، وألا يطيل في المقدمة، وقد تسيء للموضوع إذا كانت محفوظة وخارج الموضوع.
ومن ألوان الكتابة المهمة:
ـ التقرير: يكتبه شخص ليبدي رأيه في شخص ما أو عمل ما، وهو يقوم به مسئول في جهة حكومية عن موظف ما أو مشروع ما؛ ولذا يجب أن يكتب بموضوعية ولا دخل للعواطف فيه بعد جمع الحقائق والمعلومات التي تمس الشخص أو العمل.
ـ الرسالة: وهي قد تكون شخصية من شخص لآخر، وهي من أنواع الكتابة العاطفية أو الأدبية، وتسمى (رسالة شخصية)، وقد تكون من شخص لجهة حكومية (معروض) أو العكس أو من جهة لجهة أخرى، وتسمى بالرسالة الإدارية، وهي من الكتابة الموضوعية، وتبدأ بالبسملة واسم المرسل إليه (صفته الإدارية) ثم التحية ثم الموضوع ثم التحية ثم اسم المرسل والتاريخ والتوقيع.
ـ المقـــال: وهو عبارة عن فكرة ما يتناولها صاحبها بعرض لافت للنظر جذاب للقراء من خلال أسلوبه المتميز. وأنواعه (ديني اجتماعي أدبي سياسي وغير ذلك).
حضارة ذات آفاق
لعل المقصد من العنوان هو الحديث عن الحضارة الإسلامية التي سادت العالم شرقا وغربا في فترة العصور الإسلامية الزاهية بفضل الكتاب الذي أرسي منهجا قويما مستقيما يتفق والقيم الإنسانية السامية والعقل الإنساني الراشد. وأود قبل الخوض في هذا الحديث أن أعرض لمفهوم الحضارة والمفاهيم المتقاربة التي توشك أن تكون مترادفة وهي المدنية والثقافة.
مفهوم الحضارة :
لم يتفق المتخصصون علي تعريف ما للحضارة أو الثقافة أو المدنية، بل وضع أصحاب كل علم مفهوما يتفق مع منهجهم ، فمنهم من رأي أن الحضارة أعم من الثقافة والمدنية، ومنهم من جعل الثقافة أعم من الحضارة والمدنية، وهذا الاختلاف لا يعنينا بقدر ما يعنينا مفهوم الحضارة كمدخل للحضارة الإسلامية.
الحضارة من الحضر بمعني الوجود ضد الغيبة ، والوجود هنا هو الوجود الذي يقتضي الاستقرار ؛ لذلك فالحضارة هي صفة للمجتمع المستقر في مكان ما، يتمتع برقي ما في الجانب المادي والمعنوي. ويعرف ابن خلدون الحضارة بأنها "نمط من الحياة المستقرة يقتضي للعيش فنونا من العلم والعمل والصناعة وإدارة شئون الحياة وأسباب الرفاهية ، وهي تعبر عن قمة التقدم الإنساني، وقد تصل الحضارة بعد تقدم مذهل إلي حالة من الترف يعقبه فساد، فتنزلق رويدا رويدا حتى تصل إلي السفح ؛ فهي غاية العمران ونهاية عمره ومؤذنة بفساده". ويري البعض أن "الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان علي الزيادة من إنتاجه الثقافى، ومقوماتها أربعة عناصر: القيم الأخلاقية، النظم السياسية، الموارد الاقتصادية العلوم والمعارف".
والحضارة لها جانبان: جانب مادي وجانب نظري، الجانب المادي متمثل في كل المبتكرات، كفنون العمارة والهندسة والطب ووسائل التقنية، وغير ذلك مما يبتكره الإنسان ويجسده ، وهذا الجانب المادي يطلق عليه المدنية، وأعتقد أن الغرب أقرب إلي المدنية منه إلي الحضارة . والجانب الآخر متمثل في العلوم النظرية المتعلقة بالفكر والعقل والروح والإيمان والأدب واللغة والفلسفة والأخلاق والمشاعر والتعامل وغير ذلك، وهذا الجانب يطلق عليه الثقافة. وعلي ذلك فالحضارة هي الحصيلة الشاملة للمدنية والثقافة ، بمعني أنها مجموع الحياة الإنسانية في صورتيها المادية والنظرية .
الحضارة الإسلامية :
هي الحضارة الوحيدة الفريدة التي تتناسق فيها الماديات والروحانيات، وذلك يعود إلي أنها حضارة قامت علي عقيدة ثابتة في المسلم بأنه خليفة الله في أرضه، فلابد أن يكون صالحا مؤهلا علي قدر المسئولية المكلف بها ، جديرا بهذه الصفة العظيمة؛ ومن ثم سعي بكل ما يمتلك لتحقيق ذلك ، وقد ساعده القرآن علي أن يكون إنسانا حضريا يدرك الغاية من خلقه ، فأرسي له منهجا سليما قويما ، يتسم بجملة من القيم عمل بها المسلمون فارتفعت بهم ففتحوا العالم وصنعوا حضارة عظيمة تشرفهم في كل مكان وزمان، أقامت عليها أوربا حضارتها الحديثة. ويمكننا أن نوجز أهم القيم التي وضعها المنهج القرآني لبناء الحضارة الإسلامية العظيمة والتي يحاول البعض طمسها، ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فيما يلي:
ـ القيادة القدوة :
تتمثل لا شك في شخص رسول الله e فهو القائد الأول للمسلمين وللعرب، عُيّن واختير منتقيا من رب العزة ، وحدد وظيفته في البداية فقال: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين". ولك أن تقول ما تشاء عن العرب في وصف القرآن لهم بأنهم في ضلال مبين، ولاحظ تعبير القرآن (رسولا منهم) بمعني أنه يعرف كل شيء عن شخصياتهم في السلوك والتعامل والفكر والعقيدة، يعرف مداخلهم كما يعرف صفاتهم الحسنة والسيئة، ولنا أن نقف هنا لنستفيد درسا في اختيار القائد.
ـ الاهتمام بالعلم :
يكفينا أن أول أمـر إلهي للنبي e وللمسلمين كان أمرا بالتعلم والحث على العلم؛ حيث قال تعالي (اقرأ باسم ربك الذي خلق)؛ ولم يذكر المفعول، وتركه يدل علي العموم والشمول ، وهذا يعني أن الأمر هنا الدعوة إلي المعرفة بمعناها الواسع في مختلف مجالات الحياة الإنسانية ، إضافة إلي هذا فقد رفع الله مكانة العلماء فجعلهم مع المؤمنين{ ويرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات} ؛ ومن هنا برع العلماء المسلمون في مختلف علوم الدين والدنيا من تفسير وفقه ولغة وأدب وفلسفة وتاريخ وجغرافيا وطب وهندسة وفلك وترجمة وغير ذلك .
ـ الدعوة إلى استعمال العقل :
دعا القرآن إلي استخدام العقل في كثير من الأمور في كثير من آياته (إن في خلق السموات والأرض ...) والحديث (ويل لمن يلوكها بلسانه ولم يعقلها بقلبه)، بل إن القرآن وضع العقل في منزلة متقاربة إن لم تكن متساوية مع التبليغ والاستماع، قال القرآن على لسان أهل النار: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)؛ وذلك لأن استخدام العقل مركز الفكر، يجعل الإنسان يبدع فيبتكر، فيصنع الحضارة.
ـ حسن الخلق والمظهر:
ركز الإسلام علي حسن الخلق وجعله الدين كله، ولا تنفع العبادات مع سوء الخلق، لأن سوء الخلق يؤثر علي الآخرين سلبيا، ولعل أعظم صفة لرسول الله من ربه (وإنك لعلي خلق عظيم) ، وإذا نظرنا للمجتمع الغربي الآن وقد انحل أخلاقيا نحمد الله علي أن هدانا للإسلام الذي أمرنا بحسن الخلق، والحديث عن ذلك طويل، لكنْ حسبنا القانون النبوي: "كل المسلم علي المسلم حرام .." فهنا احترام كامل لحقوق الإنسان. كما أمر الإسلام بحسن المظهر، لأن الله جميل يحب الجمال و(خذوا زينتكم عند كل مسجد).
ـ العمل قيمة حضارية:
العمل روح الحضارة الإسلامية، يقول رسول الله :« إن قوما غرتهم الأماني أحسنوا الظن بالله وكذبوا، فلو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل" ؛ لأن الإسلام ركز علي العمل تركيزا شديدا، فربطه بالإيمان، فلا نجد آية تدعو إلي الإيمان إلا وهي مقرونة بالعمل، وحدد المنهج القرآني نوع العمل وكيفيته ، أما النوع فهو العمل الصالح للفرد والمجتمع دون ضرر علي أي منهما، سواء عمل دنيوي أو عمل أخروي، ففي آيات كثيرة يقول تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وأما الكيفية ففي إتقانه "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وإتقانه أداؤه بإحسان؛ لذلك يقول تعالي: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
ـ المساواة والعدالة:
جاء الإسلام بعد ظلم وظلام في العالم أجمع، حتى الشعوب الحضارية (فارس والروم) ؛ ومن ثم كان من مبادئه الإنسانية السامية العظيمة الدعوة إلي العدل والمساواة بين الناس؛ فالكل من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، والإنسان إذا أحس بالمساواة والعدالة بينه وبين الآخرين أخلص في كل شيء، في عمله في علاقاته في حبه للوطن.
ـ الاتحاد والتعاون المثمر :
جاء الإسلام بعد تفرق وتشتت بين العرب ؛ حيث سادة روح الذاتية والقبلية العدائية، ولا شك أن هذه السمة تضعف قوة المجتمع، في حين أن الاتحاد قوة شديدة ؛ فجاء الإسلام داعيا إلي الحب والسلام بين الناس وجعل ذلك شرطا لدخول الجنة، وهذا يقتضي التسامح والعفو والحلم، وهذه الصفات الجليلة نواة مبادئ أساسية لتقدم أي مجتمع، هي مبادئ الاتحاد والترابط والتعاون المثمر بين أفراد المجتمع، ومن ثم حرص المنهج الإسلامي علي إفشاء هذه الصفات الحميدة؛ من أجل الترابط والتعاون المثمر بين أفراد المجتمع الإسلامي، بل أمر بالتحلي بهذه المبادئ؛ يقول تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها فأصبحتم بنعمته إخوانا)، ويقول تعالى: (وتعاونوا علي البرّ والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان).
ـ التكافل الاجتماعي :
أرسى الإسلام مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال فرضية الزكاة، وفي الوقت نفسه طهرهم من المال الحرام من خلال مكافحة الربا، والحديث عن هذا يطول.
ـ حب الوطن والانتماء له:
حب الوطن والانتماء له والذي يترجم إلي الدفاع عنه والعمل من أجل تقدمه قيمة عظيمة أسهمت في بناء الحضارة الإسلامية؛ ذلك لأن هذا الحب والانتماء جزء من إيمان المسلم بالله وعقيدته الراسخة بداخله، وقد أرسى هذه القيمة في نفوسنا رسول الله e ، وذلك من خلال حبه الشديد لوطنه مكة المكرمة، كما يتضح من عبارته المشهورة (إنك لأحب بلاد الله إلىّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)، ولذلك وعده رب العزة بالعودة إليها؛ فقال له: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد)، وكان وعده بفتح مكة (إنا فتحنا لك فتحا مبينا).
وإذا ما استعرضنا معاركنا الفاصلة في التاريخ بدءا من بدر نجد أنها كانت دفاعا عن الوطن عقيدة وأرضا ومالا وأهلا؛ ومن هنا كانت فرضية الجهاد علي المسلمين للدفاع عن العقيدة والوطن، ولم يدعُ الإسلام إلي استخدام القوة إلا في حالة الدفاع، لكنه أمر بالتسلح الذي يرهب العدو من أجل ألا يقع الاعتداء (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).
ـ إفشاء الأمن والسلام:
نعمة الأمن تمثل ثلث متاع الدنيا للإنسان؛ لأن متاعها في نعم ثلاث: الصحة والأمن والطعام؛ "يا ابن آدم إذا أصبحت معافى في بدنك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك، فقد حيزت لك الدنيا". وإعلاءً لقدر هذه النعمة ذكرها القرآن بمختلف اشتقاقاتها تسـع عشـرة مـرة ، صفة للبيت الحرام وأهله {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} و{لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} وصفة لمصر {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} صفة للجنة وأهلها {وهم في الغرفات آمنون}. وإذا زال الخوف حل الأمن؛ حيث لا يجتمعان أبدا، قال تعالى لموسى: {يا موسي أقبل ولا تخف إنك من الآمنين}. ولكن لكي يتمتع الإنسان بنعمة الأمن لا بـد من توافر نعمة أخرى هي نعمة السلام.
وهو السلام الدولي والتعايش السلمي، فالأمـن لا يتحقق إلا بتوافر نعمة السلام، سواء علي مستوى الأفراد أو المجتمعات؛ لأن السلام ضد الحرب، وإعلاءً لمكانة هذه النعمة وأهميتها للمجتمع الإنساني ركز عليها القرآن؛ إذ وردت بمختلف اشتقاقاتها إحدى وثلاثين مـرة، منها أنها صفةٌ لله تعالي { الملك القدوس السلام}، وصفة للأنبياء والرسل { وسلام علي المرسلين} وصفة للمؤمن { ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا}؛ ومن أجل هذا فإن الله أمرنا أن نبذل ما نستطيع لننعم بهذه النعمة، فقال تعالى: {ادخلوا في السلم كافة} وقال: {إن جنحوا للسلم فاجنح لها}، هنا أمر بالسلام الدولي، وهذا مسئولية صانعي القرار في الدول، بيد أن هذا السلام لا يغني عن التعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد، وهو مسئولية كل إنسان يعيش فوق تراب الوطن؛ ولأهميته أمر به النبي في قوله: "السلام اسم من أسماء الله فأفشوه بينكم"، وسيادة السلام يقتضي العدل بين الناس علي مستوى الأفراد والدول.
ـ الإعلاء من مكانة المرأة :
فقدت المرأة مكانتها عند العرب في الجاهلية وهُضمت حقوقها وأهينت كثيرا، وخير مثال علي إهدار مكانتها وأد البنات الذي حرمه الإسلام ، فضلا عن إنصافها بإعطائها حقها في الميراث والتعليم والعمل الصالح لها وللمجتمع بمختلف أشكاله مادام في استطاعتها.
ـ حريـة الفكر والتعبير:
دعا الإسلام إلي حرية الفكر؛ لأن الحرية من أقوى مبادئ التقدم لأي مجتمع وأمة، فأي أمة ينظر إلي تقدمها من خلال مساحة الحرية التي يتمتع بها أفراده في التعبير والتنفيذ، والإنسان إذا أحس بالحرية أبدع فأنتج فتقدم المجتمع ، ولذا نجد أن أي استعمار يفعل أول ما يفعل أن يطمس حرية الشعب المستعمر من خلال الكبت والظلم والقهر، ليحل ظلامه محل نور الحرية، وبذلك يهدم حضارته المعاصرة. والحرية المعنية هي الحرية البنّاءة التي تُلزم الفرد أن يحترم حقوق الآخرين، وأن يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، لا الفوضى الهدامة التي تضر بالمجتمع لصالح الفرد، فالمصلحة العامة تعادل المصلحة الخاصة.
ـ مبدأ الشورى :
الشورى هي الديمقراطية في اتخاذ القرار الصالح للمجتمع ، وقد أرسي القرآن هذا المبدأ بعد سيطرة القبلية على المجتمع العربي، فقال تعالى لرسوله: {وشاورهم في الأمر } ووصف المؤمنين بقوله: { وأمرهم شوري بينهم}.
لكل هذه القيم السامية ـ وغيرها كثير ـ صنع المسلمون حضارة إسلامية باهرة، وقد بدأت من الصفر؛ حيث كان العرب أميين في ضلال مبين، ونجح المسلمون بفضل الله ومنهجه المستقيم المستمد من القرآن والسنة النبوية أن يفتحوا العالم وينيروه ويشعلوا مشاعل الحضارة في معظم بلدانه في الوقت الذي كانت أوربا فيه تعيش في ظلام تحت وطأة أدعياء الدين والكنيسة الذين أشبعوهم من الجانب الروحي إلي درجة الرهبانية وأفقدوهم الجانب المادي من الحضارة فكانت حضارة ذات جانب واحد؛ ومن ثم فلم تكن كالحضارة الإسلامية التي أقامت عليها أوربا حضارتها الحديثة .
وصلت حضارة المسلمين إلي أوربا من خلال جامعات أسبانيا ؛ حيث أفاق الأوربيون علي أصوات علماء المسلمين في مساجد الأندلس يدرّسون العلوم المختلفة من طب وهندسة وفلك وفقه وتفسير ولغة وأدب وفلسفة وتراجم، بل إن أوربا لم تعرف الفلسفة اليونانية إلا من خلال العلماء العرب المسلمين عن طريق ترجمتها إلي العربية ثم إلي اللاتينية، وظلت الاستفادة من حضارة العرب حتى جلاء الحملة الفرنسية من مصر.
هاهي حضارة المسلمين أضاءت العالم بفضل المنهج الذي سار عليه المسلمون في دعوتهم، وأعتقد أننا افتقدنا هذه الحضارة العظيمة اليوم بسبب تركنا لقيم هذا المنهج القويم، وأخذت أوربا بعض قيم المنهج القرآني وأقامت حضارتها الحديثة، وإن كانت في الجانب المادي. ونعود فنقول : إذا كنا فقدنا كثيرا من قِيَم حضارتنا اليوم، فمازلنا نحتفظ بالجانب الأخلاقي منها، وهذا ما تفتقده حضارة الغرب اليوم، فما أفدح الانحلال الأخلاقي والتفكك الاجتماعي في الغرب.
وحق لنا أن نؤكد أن انتقال الحضارة من أمة إلي أمة أمـر طبيعي بصرف النظر عن الأسباب؛ لأن الحياة متداولة، كما قال تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، وما أحسن أن نختم حديثنا بقول الشاعر:
لكل شيء إذا ما تـمّ نقصانُ فلا يُغـرّ بطيب العيش إنســـانُ
هي الأمور كما شاهدْتها دولٌ مـن سـرّه زمنُ ساءته أزمــانُ
تنبيه : منقول
د/علاء إسماعيل الحمزاوي
فـن الاتصـال
تقاس أعمار الأمم، وتعرف حضاراتها بما أنجزته من إبداعات ومبتكرات وبما فيها من علماء ومبدعين في مختلف العلوم وألوان المعرفة، وكل ما تنتجه الأمة إنما ينتقل من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل عبر الاتصال، بل إن الاتصال كان وسيلة الرسل والأنبياء في تبليغ دعواتهم إلى الأمم.
ومن هنا تأتي أهمية الاتصال، وهو نوعان: شفهي عن طريق الإلقاء ومكتوب (تحريري)، وكلاهما مهم نال شرفا إلهيا، فعن الأول قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) وقال: (وما على الرسول إلا البلاغ)، وعن الثاني قال تعالى: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم)، حيث أضاف تعليم الكتابة إلى نفسه، وامتنّ به على عباده، وفي ذلك شرف لهم.
والاتصال يتطلب من صاحبه (كاتب أو متحدث) أن يكون على درجة عالية بالمهارات اللغوية والأسلوبية وقواعد اللغة العربية؛ ولذا عُرّف التحرير بأنه فـن الكتابة الصحيحة التي تعبر بصورة مباشرة عن المعنى المراد.
والمعرفة باللغة الأم والاعتزاز بها واجب ديني وقومي، لأنه مظهر من مظاهر الانتماء للوطن، لاسيما إذا كانت اللغة وسيلة للعبادة، فهي لغة القرآن وباقية ببقائه، ولقد رأينا مدى اعتزاز الغرب بلغاتهم (المجتمع الفرنسي والمجتمع الألماني).
والمعرفة باللغة تسهم في وضوح المعنى المراد من فكر الكاتب أو المتحدث، وتلك المعرفة تتطلب من الكاتب والمتحدث سعة اطلاع بقواعد اللغة وقواعد الكتابة وتنمية ثروته اللفظية من خلال تنمية معجمه الخاص، فكل إنسان له معجمان: معجم عام، وهو يضم كل ما يسمعه ويقرؤه الفرد منذ إدراكه الكلمات، ومعجم خاص، وهو ما يستخدمه فعلا في التعبير عما يريد، وهو أقل من نصف المعجم العام، ولتنمية هذا المعجم لابد من الاطلاع والقراءة في مختلف مناحي المعرفة، وبخاصة في المعاجم القديمة.
وإذا كان المعجم الخاص كبيرا فإن صاحبه يستطيع أن يفرق بين الكلمات التي بينها فروق دقيقة، وربما تحمل معنى عاما واحدا، ولنأخذ مثالا على ذلك الكلمات التي تدل على الجمال: (الصباحة، الوضاءة، الجمال، الحلاوة، الملاحة، الظَرف، الرشاقة)، نقول: (وجه صبيح، بشرة وضّاءة، وأنف جميل، وعين حلوة، وقَـدّ رشيق).
بفضل تنمية الثروة اللفظية يستطيع الكاتب أو (الخطيب أو المحاضر) أن يفرق بين الكلمتين اللتين يقع فيهما الاشتباه، ونعرض هنا جملة من الكلمات من هذا النوع، نقول: تسلم الخطاب أي أخذه، لا (استلم الخطاب)؛ لأن (استلم) بمعنى (لمس)، وجاء زيد وعمرو معا، لا (جاءا سوياً)، وحلّ زيد بمنزلنا ضيفا، لا (حلّ في منزلنا)، ونقول: أثبت محمد كِفاية في العمل أي تفوقا، لا (أثبت كفاءة)؛ لأن الكفاءة هي المساواة؛ ولذا فهي شرط فقهي في الزواج، واشترى زيد ظَرْفا كبيرا لا (مظروفا)، واستوقف الطالب أستاذه فاستأذنه لا (استأذن منه)، وأثـّر زيد في عمرو لا (أثر عليه)، وهذه شريعة سمحة لا (سمحاء)؛ لأنه لا يوجد منها (أسمح)، وهذا التمر مبيع لا (مباع) والأصل (مبيوع)، وبلغت المشتريات مبلغا كبيرا لا (المشتروات)؛ لأن الفعل (يشتري)، ويباح الفطر للمرضع لا (المرضعة)، وقاسى المريض ألما لا قاسى من ألم).
بفضل إثراء المعجم الخاص يستطيع الكاتب أن يكتب كتابة إملائية صحيحة، فيفرق بين الضاد والظاء في الكلمات، لاسيما أن الدلالات مختلفة، فمثلا: المرض: الداء، والمرظ: الجوع، المضرة ضد المنفعة، والمظرة: الأرض المتحجرة. وكذلك يفرق بين التاء المفتوحة والمربوطة وهاء الضمير، (دخلت الطالبة قسم الحاسب؛ لتدرس علومه).
بالإضافة إلى إثراء المعجم الخاص للكاتب أو الخطيب ينبغي عليه أن يلمّ بقواعد اللغة العربية التي تعينه على استقامة لغته حديثا وكتابة، فيعرف ـ على الأدنى ـ قواعد المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والجمع والمثنى والأسماء الستة، فلا يقول: انتصر المسلمين على المشركين في بدر وكان المشركين أكثر من المسلمون، وهكذا. بالإضافة إلى أهمية فهم معنى الجملة، فإن الفصل بين القواعد والمعنى يوقع في خطأ شديد، وقد حدث بالفعل أن طالبا سئل في الاختبار: هات اسما من الأسماء الستة مرفوعا، فأجاب: (سافر هنوك إلى الرياض)!!
ولابد أن يلم الكاتب بعلامات الترقيم ودلالاتها، فلكل علامة دلالتها التي تميزها عن غيرها. (تُعرض أمثلة لذلك تضم علامات الاستفهام والتعجب والفاصلة المنقوطة).
ومن تتمة المعرفة بالقواعد معرفة الأساليب الصحيحة في اللغة، فمن الخطأ تكرار كلمتي (بين وكلما) في الجملة، فلا نقول: لابد من السلام بين العرب وبين إسرائيل، ولا نقول: كلما صليت كلما أحسست بالراحة. كذلك من الخطأ استعمال (إلا أن) مع (على الرغم من، أو مع أن)، فلا نقول: مع أن الأمر واضح إلا أنه يخفى على الكثير، والصواب (فإنه)، وكذلك لا نقول: اصطف الطلاب وراء بعض، والصواب (بعضهم وراء بعض)، ولا نقول: الاتفاق سيكون لاغيا إذا لم يتم الانسحاب، والصواب (مُلغَى)، ولا نقول: الحضارة الإسلامية كان لها ضوء مبهر، والصواب (باهر)، ولا نقول: موقف أمريكا من إسرائيل ملفت للنظر، والصواب (لافت)، ولا نقول: الزعيمان العربيان دعيا إلى عقد مؤتمر للسلام، والصواب (دعوا).
من المهم أيضا للكاتب والخطيب أن يحرص على أن يكون كلامه مقنعا وممتعا، وذلك باستخدام الأساليب البلاغية (التصوير والخيال) والتنوع بين الخبر والإنشاء وبين الجملة الفعلية والجملة الاسمية، ومن خلال التأييد لرأيه بالاقتباس من نصوص أخرى تعضد رأيه. ولا ينبغي أن يقتبس نصا إلا إذا اقتضت الضرورة؛ حتى لا يكون حشوا. وكذلك عليه أن يتجنب تكرار الجمل والكلام المعروف سلفا، وألا يطيل في المقدمة، وقد تسيء للموضوع إذا كانت محفوظة وخارج الموضوع.
ومن ألوان الكتابة المهمة:
ـ التقرير: يكتبه شخص ليبدي رأيه في شخص ما أو عمل ما، وهو يقوم به مسئول في جهة حكومية عن موظف ما أو مشروع ما؛ ولذا يجب أن يكتب بموضوعية ولا دخل للعواطف فيه بعد جمع الحقائق والمعلومات التي تمس الشخص أو العمل.
ـ الرسالة: وهي قد تكون شخصية من شخص لآخر، وهي من أنواع الكتابة العاطفية أو الأدبية، وتسمى (رسالة شخصية)، وقد تكون من شخص لجهة حكومية (معروض) أو العكس أو من جهة لجهة أخرى، وتسمى بالرسالة الإدارية، وهي من الكتابة الموضوعية، وتبدأ بالبسملة واسم المرسل إليه (صفته الإدارية) ثم التحية ثم الموضوع ثم التحية ثم اسم المرسل والتاريخ والتوقيع.
ـ المقـــال: وهو عبارة عن فكرة ما يتناولها صاحبها بعرض لافت للنظر جذاب للقراء من خلال أسلوبه المتميز. وأنواعه (ديني اجتماعي أدبي سياسي وغير ذلك).
حضارة ذات آفاق
لعل المقصد من العنوان هو الحديث عن الحضارة الإسلامية التي سادت العالم شرقا وغربا في فترة العصور الإسلامية الزاهية بفضل الكتاب الذي أرسي منهجا قويما مستقيما يتفق والقيم الإنسانية السامية والعقل الإنساني الراشد. وأود قبل الخوض في هذا الحديث أن أعرض لمفهوم الحضارة والمفاهيم المتقاربة التي توشك أن تكون مترادفة وهي المدنية والثقافة.
مفهوم الحضارة :
لم يتفق المتخصصون علي تعريف ما للحضارة أو الثقافة أو المدنية، بل وضع أصحاب كل علم مفهوما يتفق مع منهجهم ، فمنهم من رأي أن الحضارة أعم من الثقافة والمدنية، ومنهم من جعل الثقافة أعم من الحضارة والمدنية، وهذا الاختلاف لا يعنينا بقدر ما يعنينا مفهوم الحضارة كمدخل للحضارة الإسلامية.
الحضارة من الحضر بمعني الوجود ضد الغيبة ، والوجود هنا هو الوجود الذي يقتضي الاستقرار ؛ لذلك فالحضارة هي صفة للمجتمع المستقر في مكان ما، يتمتع برقي ما في الجانب المادي والمعنوي. ويعرف ابن خلدون الحضارة بأنها "نمط من الحياة المستقرة يقتضي للعيش فنونا من العلم والعمل والصناعة وإدارة شئون الحياة وأسباب الرفاهية ، وهي تعبر عن قمة التقدم الإنساني، وقد تصل الحضارة بعد تقدم مذهل إلي حالة من الترف يعقبه فساد، فتنزلق رويدا رويدا حتى تصل إلي السفح ؛ فهي غاية العمران ونهاية عمره ومؤذنة بفساده". ويري البعض أن "الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان علي الزيادة من إنتاجه الثقافى، ومقوماتها أربعة عناصر: القيم الأخلاقية، النظم السياسية، الموارد الاقتصادية العلوم والمعارف".
والحضارة لها جانبان: جانب مادي وجانب نظري، الجانب المادي متمثل في كل المبتكرات، كفنون العمارة والهندسة والطب ووسائل التقنية، وغير ذلك مما يبتكره الإنسان ويجسده ، وهذا الجانب المادي يطلق عليه المدنية، وأعتقد أن الغرب أقرب إلي المدنية منه إلي الحضارة . والجانب الآخر متمثل في العلوم النظرية المتعلقة بالفكر والعقل والروح والإيمان والأدب واللغة والفلسفة والأخلاق والمشاعر والتعامل وغير ذلك، وهذا الجانب يطلق عليه الثقافة. وعلي ذلك فالحضارة هي الحصيلة الشاملة للمدنية والثقافة ، بمعني أنها مجموع الحياة الإنسانية في صورتيها المادية والنظرية .
الحضارة الإسلامية :
هي الحضارة الوحيدة الفريدة التي تتناسق فيها الماديات والروحانيات، وذلك يعود إلي أنها حضارة قامت علي عقيدة ثابتة في المسلم بأنه خليفة الله في أرضه، فلابد أن يكون صالحا مؤهلا علي قدر المسئولية المكلف بها ، جديرا بهذه الصفة العظيمة؛ ومن ثم سعي بكل ما يمتلك لتحقيق ذلك ، وقد ساعده القرآن علي أن يكون إنسانا حضريا يدرك الغاية من خلقه ، فأرسي له منهجا سليما قويما ، يتسم بجملة من القيم عمل بها المسلمون فارتفعت بهم ففتحوا العالم وصنعوا حضارة عظيمة تشرفهم في كل مكان وزمان، أقامت عليها أوربا حضارتها الحديثة. ويمكننا أن نوجز أهم القيم التي وضعها المنهج القرآني لبناء الحضارة الإسلامية العظيمة والتي يحاول البعض طمسها، ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فيما يلي:
ـ القيادة القدوة :
تتمثل لا شك في شخص رسول الله e فهو القائد الأول للمسلمين وللعرب، عُيّن واختير منتقيا من رب العزة ، وحدد وظيفته في البداية فقال: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين". ولك أن تقول ما تشاء عن العرب في وصف القرآن لهم بأنهم في ضلال مبين، ولاحظ تعبير القرآن (رسولا منهم) بمعني أنه يعرف كل شيء عن شخصياتهم في السلوك والتعامل والفكر والعقيدة، يعرف مداخلهم كما يعرف صفاتهم الحسنة والسيئة، ولنا أن نقف هنا لنستفيد درسا في اختيار القائد.
ـ الاهتمام بالعلم :
يكفينا أن أول أمـر إلهي للنبي e وللمسلمين كان أمرا بالتعلم والحث على العلم؛ حيث قال تعالي (اقرأ باسم ربك الذي خلق)؛ ولم يذكر المفعول، وتركه يدل علي العموم والشمول ، وهذا يعني أن الأمر هنا الدعوة إلي المعرفة بمعناها الواسع في مختلف مجالات الحياة الإنسانية ، إضافة إلي هذا فقد رفع الله مكانة العلماء فجعلهم مع المؤمنين{ ويرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات} ؛ ومن هنا برع العلماء المسلمون في مختلف علوم الدين والدنيا من تفسير وفقه ولغة وأدب وفلسفة وتاريخ وجغرافيا وطب وهندسة وفلك وترجمة وغير ذلك .
ـ الدعوة إلى استعمال العقل :
دعا القرآن إلي استخدام العقل في كثير من الأمور في كثير من آياته (إن في خلق السموات والأرض ...) والحديث (ويل لمن يلوكها بلسانه ولم يعقلها بقلبه)، بل إن القرآن وضع العقل في منزلة متقاربة إن لم تكن متساوية مع التبليغ والاستماع، قال القرآن على لسان أهل النار: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)؛ وذلك لأن استخدام العقل مركز الفكر، يجعل الإنسان يبدع فيبتكر، فيصنع الحضارة.
ـ حسن الخلق والمظهر:
ركز الإسلام علي حسن الخلق وجعله الدين كله، ولا تنفع العبادات مع سوء الخلق، لأن سوء الخلق يؤثر علي الآخرين سلبيا، ولعل أعظم صفة لرسول الله من ربه (وإنك لعلي خلق عظيم) ، وإذا نظرنا للمجتمع الغربي الآن وقد انحل أخلاقيا نحمد الله علي أن هدانا للإسلام الذي أمرنا بحسن الخلق، والحديث عن ذلك طويل، لكنْ حسبنا القانون النبوي: "كل المسلم علي المسلم حرام .." فهنا احترام كامل لحقوق الإنسان. كما أمر الإسلام بحسن المظهر، لأن الله جميل يحب الجمال و(خذوا زينتكم عند كل مسجد).
ـ العمل قيمة حضارية:
العمل روح الحضارة الإسلامية، يقول رسول الله :« إن قوما غرتهم الأماني أحسنوا الظن بالله وكذبوا، فلو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل" ؛ لأن الإسلام ركز علي العمل تركيزا شديدا، فربطه بالإيمان، فلا نجد آية تدعو إلي الإيمان إلا وهي مقرونة بالعمل، وحدد المنهج القرآني نوع العمل وكيفيته ، أما النوع فهو العمل الصالح للفرد والمجتمع دون ضرر علي أي منهما، سواء عمل دنيوي أو عمل أخروي، ففي آيات كثيرة يقول تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وأما الكيفية ففي إتقانه "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" وإتقانه أداؤه بإحسان؛ لذلك يقول تعالي: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا).
ـ المساواة والعدالة:
جاء الإسلام بعد ظلم وظلام في العالم أجمع، حتى الشعوب الحضارية (فارس والروم) ؛ ومن ثم كان من مبادئه الإنسانية السامية العظيمة الدعوة إلي العدل والمساواة بين الناس؛ فالكل من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، والإنسان إذا أحس بالمساواة والعدالة بينه وبين الآخرين أخلص في كل شيء، في عمله في علاقاته في حبه للوطن.
ـ الاتحاد والتعاون المثمر :
جاء الإسلام بعد تفرق وتشتت بين العرب ؛ حيث سادة روح الذاتية والقبلية العدائية، ولا شك أن هذه السمة تضعف قوة المجتمع، في حين أن الاتحاد قوة شديدة ؛ فجاء الإسلام داعيا إلي الحب والسلام بين الناس وجعل ذلك شرطا لدخول الجنة، وهذا يقتضي التسامح والعفو والحلم، وهذه الصفات الجليلة نواة مبادئ أساسية لتقدم أي مجتمع، هي مبادئ الاتحاد والترابط والتعاون المثمر بين أفراد المجتمع، ومن ثم حرص المنهج الإسلامي علي إفشاء هذه الصفات الحميدة؛ من أجل الترابط والتعاون المثمر بين أفراد المجتمع الإسلامي، بل أمر بالتحلي بهذه المبادئ؛ يقول تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها فأصبحتم بنعمته إخوانا)، ويقول تعالى: (وتعاونوا علي البرّ والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان).
ـ التكافل الاجتماعي :
أرسى الإسلام مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال فرضية الزكاة، وفي الوقت نفسه طهرهم من المال الحرام من خلال مكافحة الربا، والحديث عن هذا يطول.
ـ حب الوطن والانتماء له:
حب الوطن والانتماء له والذي يترجم إلي الدفاع عنه والعمل من أجل تقدمه قيمة عظيمة أسهمت في بناء الحضارة الإسلامية؛ ذلك لأن هذا الحب والانتماء جزء من إيمان المسلم بالله وعقيدته الراسخة بداخله، وقد أرسى هذه القيمة في نفوسنا رسول الله e ، وذلك من خلال حبه الشديد لوطنه مكة المكرمة، كما يتضح من عبارته المشهورة (إنك لأحب بلاد الله إلىّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)، ولذلك وعده رب العزة بالعودة إليها؛ فقال له: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد)، وكان وعده بفتح مكة (إنا فتحنا لك فتحا مبينا).
وإذا ما استعرضنا معاركنا الفاصلة في التاريخ بدءا من بدر نجد أنها كانت دفاعا عن الوطن عقيدة وأرضا ومالا وأهلا؛ ومن هنا كانت فرضية الجهاد علي المسلمين للدفاع عن العقيدة والوطن، ولم يدعُ الإسلام إلي استخدام القوة إلا في حالة الدفاع، لكنه أمر بالتسلح الذي يرهب العدو من أجل ألا يقع الاعتداء (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).
ـ إفشاء الأمن والسلام:
نعمة الأمن تمثل ثلث متاع الدنيا للإنسان؛ لأن متاعها في نعم ثلاث: الصحة والأمن والطعام؛ "يا ابن آدم إذا أصبحت معافى في بدنك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك، فقد حيزت لك الدنيا". وإعلاءً لقدر هذه النعمة ذكرها القرآن بمختلف اشتقاقاتها تسـع عشـرة مـرة ، صفة للبيت الحرام وأهله {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} و{لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} وصفة لمصر {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} صفة للجنة وأهلها {وهم في الغرفات آمنون}. وإذا زال الخوف حل الأمن؛ حيث لا يجتمعان أبدا، قال تعالى لموسى: {يا موسي أقبل ولا تخف إنك من الآمنين}. ولكن لكي يتمتع الإنسان بنعمة الأمن لا بـد من توافر نعمة أخرى هي نعمة السلام.
وهو السلام الدولي والتعايش السلمي، فالأمـن لا يتحقق إلا بتوافر نعمة السلام، سواء علي مستوى الأفراد أو المجتمعات؛ لأن السلام ضد الحرب، وإعلاءً لمكانة هذه النعمة وأهميتها للمجتمع الإنساني ركز عليها القرآن؛ إذ وردت بمختلف اشتقاقاتها إحدى وثلاثين مـرة، منها أنها صفةٌ لله تعالي { الملك القدوس السلام}، وصفة للأنبياء والرسل { وسلام علي المرسلين} وصفة للمؤمن { ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا}؛ ومن أجل هذا فإن الله أمرنا أن نبذل ما نستطيع لننعم بهذه النعمة، فقال تعالى: {ادخلوا في السلم كافة} وقال: {إن جنحوا للسلم فاجنح لها}، هنا أمر بالسلام الدولي، وهذا مسئولية صانعي القرار في الدول، بيد أن هذا السلام لا يغني عن التعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد، وهو مسئولية كل إنسان يعيش فوق تراب الوطن؛ ولأهميته أمر به النبي في قوله: "السلام اسم من أسماء الله فأفشوه بينكم"، وسيادة السلام يقتضي العدل بين الناس علي مستوى الأفراد والدول.
ـ الإعلاء من مكانة المرأة :
فقدت المرأة مكانتها عند العرب في الجاهلية وهُضمت حقوقها وأهينت كثيرا، وخير مثال علي إهدار مكانتها وأد البنات الذي حرمه الإسلام ، فضلا عن إنصافها بإعطائها حقها في الميراث والتعليم والعمل الصالح لها وللمجتمع بمختلف أشكاله مادام في استطاعتها.
ـ حريـة الفكر والتعبير:
دعا الإسلام إلي حرية الفكر؛ لأن الحرية من أقوى مبادئ التقدم لأي مجتمع وأمة، فأي أمة ينظر إلي تقدمها من خلال مساحة الحرية التي يتمتع بها أفراده في التعبير والتنفيذ، والإنسان إذا أحس بالحرية أبدع فأنتج فتقدم المجتمع ، ولذا نجد أن أي استعمار يفعل أول ما يفعل أن يطمس حرية الشعب المستعمر من خلال الكبت والظلم والقهر، ليحل ظلامه محل نور الحرية، وبذلك يهدم حضارته المعاصرة. والحرية المعنية هي الحرية البنّاءة التي تُلزم الفرد أن يحترم حقوق الآخرين، وأن يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، لا الفوضى الهدامة التي تضر بالمجتمع لصالح الفرد، فالمصلحة العامة تعادل المصلحة الخاصة.
ـ مبدأ الشورى :
الشورى هي الديمقراطية في اتخاذ القرار الصالح للمجتمع ، وقد أرسي القرآن هذا المبدأ بعد سيطرة القبلية على المجتمع العربي، فقال تعالى لرسوله: {وشاورهم في الأمر } ووصف المؤمنين بقوله: { وأمرهم شوري بينهم}.
لكل هذه القيم السامية ـ وغيرها كثير ـ صنع المسلمون حضارة إسلامية باهرة، وقد بدأت من الصفر؛ حيث كان العرب أميين في ضلال مبين، ونجح المسلمون بفضل الله ومنهجه المستقيم المستمد من القرآن والسنة النبوية أن يفتحوا العالم وينيروه ويشعلوا مشاعل الحضارة في معظم بلدانه في الوقت الذي كانت أوربا فيه تعيش في ظلام تحت وطأة أدعياء الدين والكنيسة الذين أشبعوهم من الجانب الروحي إلي درجة الرهبانية وأفقدوهم الجانب المادي من الحضارة فكانت حضارة ذات جانب واحد؛ ومن ثم فلم تكن كالحضارة الإسلامية التي أقامت عليها أوربا حضارتها الحديثة .
وصلت حضارة المسلمين إلي أوربا من خلال جامعات أسبانيا ؛ حيث أفاق الأوربيون علي أصوات علماء المسلمين في مساجد الأندلس يدرّسون العلوم المختلفة من طب وهندسة وفلك وفقه وتفسير ولغة وأدب وفلسفة وتراجم، بل إن أوربا لم تعرف الفلسفة اليونانية إلا من خلال العلماء العرب المسلمين عن طريق ترجمتها إلي العربية ثم إلي اللاتينية، وظلت الاستفادة من حضارة العرب حتى جلاء الحملة الفرنسية من مصر.
هاهي حضارة المسلمين أضاءت العالم بفضل المنهج الذي سار عليه المسلمون في دعوتهم، وأعتقد أننا افتقدنا هذه الحضارة العظيمة اليوم بسبب تركنا لقيم هذا المنهج القويم، وأخذت أوربا بعض قيم المنهج القرآني وأقامت حضارتها الحديثة، وإن كانت في الجانب المادي. ونعود فنقول : إذا كنا فقدنا كثيرا من قِيَم حضارتنا اليوم، فمازلنا نحتفظ بالجانب الأخلاقي منها، وهذا ما تفتقده حضارة الغرب اليوم، فما أفدح الانحلال الأخلاقي والتفكك الاجتماعي في الغرب.
وحق لنا أن نؤكد أن انتقال الحضارة من أمة إلي أمة أمـر طبيعي بصرف النظر عن الأسباب؛ لأن الحياة متداولة، كما قال تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، وما أحسن أن نختم حديثنا بقول الشاعر:
لكل شيء إذا ما تـمّ نقصانُ فلا يُغـرّ بطيب العيش إنســـانُ
هي الأمور كما شاهدْتها دولٌ مـن سـرّه زمنُ ساءته أزمــانُ
تنبيه : منقول
مواضيع مماثلة
» رابط لرسائل ماجستير و دكتوراه في الاعلام و الاتصال
» الاتصال السياحي في الجزائر
» أركان وشروط عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري
» مدخل الى علوم الاعلام و الاتصال
» العولمة في علوم الاعلام و الاتصال
» الاتصال السياحي في الجزائر
» أركان وشروط عقد الزواج في الشريعة الإسلامية والقانون الجزائري
» مدخل الى علوم الاعلام و الاتصال
» العولمة في علوم الاعلام و الاتصال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 3 نوفمبر 2023 - 1:47 من طرف alkhaimadz
» اخراج_القضيب_بعد_القذف_خطأ_كبير
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:51 من طرف nahla
» عدد مرات الجماع في أيام التبويض
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:48 من طرف nahla
» كيفية التعامل مع الزوج المشغول ؟
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:44 من طرف nahla
» عوامل يجب أخذها في الإعتبار قبل الموافقة علي الزواج
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:41 من طرف nahla
» ما يجب أن تقوليه لحماتك وما لا يجب أن تقوليه ؟
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:36 من طرف nahla
» #التقبيل???? و #المداعبة????????
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 18:34 من طرف nahla
» داء الأمم
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:23 من طرف nahla
» عَجَبًا لأمْر المؤمِن - عَجِبْتُ لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:23 من طرف nahla
» علمتني أذكار النوم
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:21 من طرف nahla
» كيف تجعليه يرغب فيكي ويشتاق إليكي ؟ 18 طريقة فعالة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:20 من طرف nahla
» أغبى البنات
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:17 من طرف nahla
» أمثال عن المرأة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:15 من طرف nahla
» مسائل في القَضاء والقَدَر
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 17:00 من طرف nahla
» له الْمُلْك
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 16:59 من طرف nahla
» الوَدُود سبحانه وتعالى
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 16:58 من طرف nahla
» أربع أمنيات لأربع نساء أوربيات
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:44 من طرف nahla
» نصيحة من عند وحدة مجربة
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:42 من طرف nahla
» نصيحة من اخت لاخت
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:41 من طرف nahla
» وضع المنشورات المتعلقة بالنساء في القسم المخصص لذلك
الثلاثاء 25 يوليو 2023 - 15:40 من طرف nahla